وجدت قلمي تائهاً ضجراً لا يدري ماذا عساه أن يكتب !
فأخذت أحاوره علّني أنا و هو نعقد صلحاً نرضي فيه جمهوراً كبيرا من القرّاء ونعمل على زيادة رصيد الإعجاب ونطير سوياً في عالم الشهرة .. قلت له :
– هل تدري إن العالم أصبح أجمل ؟
– كيف ومتى ؟
– ألم ترى حمام السلام يرفرف فوق البلاد وينثر على رؤوس الأطفال الحلوى قبل إشراقة الشمس ، ألم يصبك الدوار من عطر الورود وضجيج الأعراس !
– يعني هل إنتهت الحروب ؟
– حروب !! ..و كأنك تعيش في وهم ، فلم تكن هناك بالأصل حروب ! ولا دماء وكل هذا كان مجرد أضغاث أحلام
رد علي القلم وقال ..
– أضغاث أحلام !! .. ولكن ماذا عن الناس هل هم أيضا قد تغيروا !
– ما بال الناس ؟ ،فهم يحبون بعضهم بعضا حد الجنون ، لدرجة إن كل جار يهدي جاره في كل صباح وردة ..
دار القلم حول نفسه لا أدري هل كان فرحاً أم مصدوماً مما سمع ..
ثم سألني :
– والفقراء ؟ أجبته ..
– فقراء !! .. من أين لك بمثل هذه المصطلحات المقيتة ، الناس هنا يضجرون من كم النعم ومن كثرة الأطعمة يذخرونها ويصدرونها علفا إلى الحيوانات في الغابات ، وإنتهى أيضا عصر الأقمشة فكلهم لا يلبسون أقل من أسدال من ذهب.
– يعني إن الفاسدين إنقرضوا وعاد عصر العدل ؟
صحت فيه بغضب .. :
– ما بالك أيها القلم ؟ كأنك عملت طويلا في كتابة الأساطير لدرجة إنك قد تقمصت شخصياتها وتردد عباراتهم وهتراتهم !
نظر إلي مطولاً ثم أدار رأسه في المبراة عله يضبط خطه وتستقيم كلماته ..وقال باسما : ..
– نعم .. نعم الآن فهمت .. فقد قامت القيامة وإنتهى عصر الأرض ونحن الآن في الفردوس الأعلى ..
ضحكت وضحكت وقلت له ..
– أه يا قلم أي قيامة ، لن يوجد شيء كهذا أصلا لإن القيامة فيها فزع وإنتظار وعقاب وبما إننا لا نحتاج إلى كل هذا.. سنرفع إلى السماء على أجنحة الملائكة ، فنحن من نورنا وطهرنا وصلاحنا تفوقنا على أهل السماء..
ولكنني صمت عندما قفز قائلا :
– رفعت الأقلام وجفت الصحف وبما إننا في الجنان ، فإنتهى عصر الكتابة
– ولكن …
لم أكمل لإن القلم كان قد دار في المبراة حتى إختفى فيها تماما