إلى النساء اللاتي يحتفل بهن هذا العالم في هذا اليوم التاريخي هنئيا لكم ، ولكن هل جميع النساء في هذا العالم يحتفلن مثلنا ، قد ينتابنا الحزن الآن على الأسيرات أو القابعات على الحدود أو اللواتي إلتحفن السماء وأقصى أحلامهن سقف خيمة يدفأ أوصالهن ولكن هؤلاء جميع في عرفنا أحرار .
ولن أحزن عليهن كحزني على إمرأة في ركن بعيد لا يعلمه أحد ، في عالم لا يعرف إنستجرام ولا فيس يوك ولا سناب شات ، فهي إمرأة غلبت على ملامحها خطوط التعب وأغدقت عيناها الجميلتان ستار حزين وبسمة تخرج بشق الأنفس إلى فلذات أكبادها ، تنظر بأمل خائف مسترق إلى بناتها وتتمنى بأن يأتي يوم كهذا في حياتهن وهن في كل زاوية كانت قد حلمت سراً أن تكون فيها ولو ظلاً ولكن …
إلى تلك المرأة الجميلة أرفع لها باقات من الورود بالخفاء وأهمس لها من خلف جدران القهر ، أتمنى أن يأتي عاما قادما وتكونين فيها قد تحررتِ ، فترد علي هامسة : وما فائدة تحرير الأجساد إن وئدت الروح والأحلام والأماني .
إلى تلك المرأة التي أرعبها المجتمع من التحرر من زوج ظالم يعد عليها أنفاسها ، ويردد على مسامعها بإن لا تغريها حرية النساء فكله زائل ولتحمد الله إن لها زوجاً وأطفال وسجن من أربعة جدران ، فلماذا البطر ؟
إلى تلك المرأة التي سُلبت منها الأمنيات جوراً ، وإن طالبت بببعضها هددها الرجل بمثنى وثلاث ورباع فهو من حقه أن يُعدد متى شاء ، وأن يغدق على روحه أسدال من السعادة وأن يتقلد عرشه مزهوا برجولته وهي يجب تسجد طاعة لإرادته وتسبح له بالخير الذي يغدقه عليها فماذا تريد أكثر من ذلك ، أتكفر بنعمة الحياة الزوجية التي حُرمت منها الكثيرات من بنات جيلها ؟
إلى تلك المرأة التي تغسل وسادتها بدموعها وتستيقظ فزعة تنظر حولها إن سمع ذلك النائم إلى جانبها شيئا من أحلامها ، فيحكم عليها بالخيانة ، فهل يحق للعبيد بأن يحلموا بالمشي بدون أجراس قيدت بها أقدامهم ؟
إلى تلك المرأة التي حكم عليها المجتمع مؤبدات عدة في ظل رجل ربته “ إمرأة “ بإن الزوجة ما هي إلا خادمته ومفرخة للأطفال فهي لا شيء أكثر من متاع في البيت ، وهذه الزوجة يحكم عليها بالقصاص إن رفضت تنظيف حذاءه وإن زادت ذرة ملح في طعامه وإن لم يكن سريره وثيرا معطراً بما يحب وإن خالفت أمر أمه المبجلة ، وقصرت في أعمال بيتها وبيوت أولياء نعمتها.
إلى تلك المرأة التي أرغمها المجتمع أن تخلع ثياب الآحرار وتتزين بالأغلال ، لإنها إن إرادت الخلاص فستنقل إلى سجن المنبوذين ويحكم عليها بالحرمان من فلذات أكبادها الذين أكلت الزقوم من أجل أن يهبوها الشهد في نظرات عيونهم وإبتساماتهم .
إلى تلك المرأة التي قالت لي : إنها تغار من أسيرات يقبعن في سجون العدو ؟، فسألتها لماذا ؟ فأجابتني : هؤلاء النساء ينعمن بالحرية أكثر من أي إمرأة مثلي فهن على الأقل حبيسات الأجساد ولكن العدو لا يحبس عليهن عقولهن وأحلامهن وأمانيهن ، العدو لا يمنعهن أن يقرأن كتاباً أو أن يكتبن فكرة أو أن يرسمن وردة ، فأنا قد سمعت إن من هؤلاء الأسيرات حلقن في سماء العلم والفكر وهن في سراديب سجون الإحتلال ،أنا أتساءل هل الله سيكون عذابه أكبر لهذا العدو أم لزوجي ؟
قلت لها : وما الذي يمنعك أن تخلعي أغلالك وتتحرري ؟ نظرت حولها بخوف وأغلقت بابها وقالت لي : بالله عليك خذي صدى كلماتك معك فالجدران لها أذان ….